الميوعة و عدم الجدية سمات بارزة في شخصية المسلم اليوم ، و خاصة عند
الشباب ، فالكثير منهم لا يعي مذا يعني كونه مسلم ، و لا يعي عظم الدور
الملقى على عاتقه تجاه نشر هذا الدين ، فتراهم في سهو و غفلة ، يلعبون و
يضيعون الأوقات في التفاهات .
يقول الحسن البصري : عجبا لقوم أمروا بالزاد ، و نودي فيهم بالرحيل ، و
حبس
أولهم على آخرهم ، و هم قعود يلعبون . و يقول سيد قطب واصفا مثل هذه
النفوس
الفارغة : إنها صورة النفوس الفارغة التي لا تعرف الجد ، فتلهو في أخطر
المواقف ، و تهزل في مواطن الجد ، و تستهتر في مواطن القداسة ، و النفس
التي تفرغ من الجد و الاحتفال بالقداسة تنتهي إلى حالة من التفاهة و
الجدب
و الانحلال ، فلا تصلح للنهوض بعبء ، و لا الاضطلاع بواجب ، و لا القيام
بتكليف ، و تغدو الحياة فيها عاطلة هينة رخيصة ... ، ثم يقول عن حياة
المسلم كيف يجب أن تكون : إن حياة المسلم حياة كبيرة ، لأنها منوطة
بوظيفة
ضخمة ، ذات ارتباط بهذا الوجود الكبير ، و ذات أثر في حياة هذا الوجود
الكبير ، و هي أعز و أنفس من أن يقضيها في عبث و لهو و خوض و لعب ، و
كثير
من اهتمامات الناس في الأرض يبدو عبثا و لهوا و خوضا و لعبا حين يقاس إلى
اهتمامات المسلم الناشئة من تصوره لتلك الوظيفة الضخمة المرتبطة بحقيقة
الوجود .
و من الهو و اللعب و ضياع الأوقات ، إلى ضياع الهوية بتقليد الغرب في
اللباس و الكلام و الحركات ، و حتى في الأفكار ، فهل يبتغون عندهم العزة
؟!! ...
لا الغرب يبغي عزنا كلا و لا = شرق التحلل إنه كالحية
الكل يبغي ذلنا و هواننا = من غير ربي منقذ من شدة
أيها المسلمون ، إن عزتكم لن تكون إلا بالإسلام ، و باتباع شرع الله ،
قال
عمر – رضي الله عنه - : نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ، فمهما ابتغينا
العزة
بغير ما أعزنا الله به ، أذلنا الله .
و أما الغناء و الطرب فشر قد استطار و انتشر في بلاد المسلمين ، و لا
يخفى
على أحد ما له من دور خطير في الميوعة و الركون إلى الأرض ، و دنو الهمم و
الانحلال و انتشار الرذيلة .
يا عصبة ما ضر أمة أحمد = و سعى إلى إفسادها إلا هي
طار و مزمار و نغمة شادن = أرأيت قط عبادة بملاهي !!
لابد من الحديث أيضا عن ميوعة التدين عند الشباب المسلم اليوم ، فهم
يريدون
التدين و لكن بطريقة عصرية و سهلة ، و دون تضحيات .
هي في طبيعتها رقيقة = ربى كأزهار الحديقة
تهوى التدين شرط = أن تبقى منعمة رقيقة
أيها الشباب المسلم ، لقد ضحى الصحابة – رضي الله عنهم – و المسلمون
الأول
تضحيات جسام في سبيل اعتناقهم هذا الدين و نشره ، أفلا تضحون أنتم بشيئ
زهيد من هذه التضحيات ؟ بالتزام النساء مثلا بالحجاب الشرعي الصحيح
البعيد
عن مظاهر الزينة ، فما هذه الجلابيب الضيقة ، و ما هذه الألوان الملفتة ،
و
ما هذه المساحيق التي على الوجه ، و ما هذه الأظافر الطويلة ، ألا يتنافى
هذا مع التدين الصحيح الجاد ؟! .
ثم ما هذه الموسيقى التي طرأت على النشيد الإسلامي ، و هل نحن فعلا بحاجة
لاستعمالها و بهذا النطاق الواسع ؟ إن كثيرا منها يشعر بارتخاء فعلا و
دعة
و ركون ، و الأصل في المسلم أن يكثر من سماع القرآن ، و ألا يكثر من سماع
الأناشيد ، فالقرآن هو الذي يوقظ الروح و الوجدان ، و يورث الخشية و التي
تترجم في النهاية إلى عمل ، لا إلى سكون و اتخاء . يقول الإمام الغزالي :
... و إنما الوجد الصحيح وجد القلب عند سماع القرآن و الوعظ ، فحينئذ
يثور
من الباطن خوف من الوعيد ، و شوق من الوعد ، و ندم على التفريط .
و أما من يقرأ القرآن على اللحن ، فأنت لا تخشع لقراءته ، بل تشعر و كأنه
يغني !! .
أيها الشباب المسلم ، إن الإسلام قوة و جدية و عزة .......
شباب ذللوا سبل المعالي = و ما عرفوا سوى الإسلام دينا
تعهدهم فأنبتهم نباتا = كريما طاب في الدنيا غصونا
و إن جن المساء فلا تراهم = من الإشفاق إلا ساجدينا
شباب لم تحطمه الليالي = و لم يسلم إلى الخصم العرينا
و لا عرفوا الأغاني مائعات = و لكن العلا صيغت لحونا
فيتحدون أخلاقا عذابا = و يأتلفون مجتمعا رزينا
فما عرف الخلاعة في بنات = و لا عرف التخنث في بنينا
كذلك أخرج الإسلام قومي = شبابا مخلصا حرا أمينا
و علمه الكرامة كيف تبنى = فيأبى أن يقيد أو يهونا .