يستقبل سكان قطاع غزة شهر رمضان
المبارك وهم تحت الحصار المشدد، وفي ظل معاناةٍ إنسانية قاسية، وحرمانٍ
شبه تام من أغلب مستلزمات وحاجات عيش الكفاف، إذ لا يسمح بدخول مختلف
أنواع المواد الغذائية والتموينية، فضلاً عن الوقود الكافي لتشغيل محطة
توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، حيث الحاجة للكهرباء ماسة لاستخراج
وتوزيع المياه الصالحة للشرب، وتخليص القطاع من الفضلات وغيرها، ومازال
سكان قطاع غزة محرمون من استخدام سياراتهم الخاصة، فبعضها قد دمرها
العدوان الإسرائيلي، والأخرى لا تجد الوقود الكافي لتتحرك، والمعاناة
بادية على وجوه الناس، والبؤس يرتسم على سحناتهم التي لوحتها أشعة الشمس،
والألم يعتصر قلوب الكثيرين منهم، لفقدٍ أو مصابٍ أو معتقلٍ أو مغترب .
وشهر رمضان في غزة يختلف هذا
العام عن غيره، فبيوت غزة مهدمة، وشوارعها محروثة، ومعاملها مدمرة،
ومزارعها يبابٌ لا خضرة فيها، وآلاف الغزيين عاطلين عن العمل، دون دخلٍ
شهري، ينتظرون نهاية كل شهرٍ أو شهرين المساعدات الحكومية، أو المعونات
الدولية، وفي حال حصولهم على الرواتب الشهرية فإنهم لا يجدون ما يشترونه،
ولو وجدوا ما يريدون فستكون أسعاره عالية، لا يقوى على دفعها كثيرٌ من
السكان، فهي بضائع مهربة، تكلفَ الغزيَّون كثيراً لجلبها من مصر، ودفعوا
ثمناً لها أرواح بعضهم، أما أسواق قطاع غزة فهي أسواقٌ خربة، لا شئ فيها
يشترى، ولا حاجة فيها متوفرة، والمتسوقون قلة، وسلال البلاستيك التي تعود
أهل غزة على حملها في الأسواق شبه فارغة، إلا من بضع حبات طماطم أو بطاطس،
أو بعض الخضروات التي ينتجها مزارعو غزة، ولكن أشياء كثيرة تنقصهم،
وحاجاتٍ كثيرة يفتقدون إليها، وليست كلها احتياجاتٌ غذائية، بل العوز قد
طال كل قطاعات العيش في غزة، فشمل الغذاء والدواء ومستلزمات البناء وغاز
الطهي