السلام عليكم
مضى على وجودي في هذه الحياة أربعون عاماً
خلال هذه السنوات الأربعين عشتُ وعايشتُ تجارب كثيرة في مختلف مجالات الحياة
عشتُ تجاربي الخاصّة وعايشتُ تجارب الآخرين - تنوّعت وتلوّنت وتعدّدت هذه التجارب
واختلفت أيضاً استجابتي لهذه التجارب فمنها ما أثّر في بناء شخصيّتي سلباً أو ايجاباً
ومنها ما ترك جراحاً نازفةً في أعماق أعماقي - وتأبى هذه الجراح إلاّ أن تنكأ نفسها مرّة بعد مرّة
ليستمرَّ النزفُ وتستمرَّ معاناتي
ومنها ما مرّ في حياتي مرور "سحابة صيف" فلم تترك
في حياتي وفي شخصيّتي أثراً يُذكر
لكن الشيء المشترك بين هذه التجارب كلّها أنّني عشتها وعايشتها من وجهة نظر الأنثى
وكإنسانةٍ مسلمةٍ تحيا وتعيش في مجتمعٍ عربيّ ، شرقي ، مسلم كنتُ دائماً أفكّر بالشعارات التي يردّدها
الكثيرون عن حقوق المرأة ومطالبة النساء بحقوقهن ومطالبتهن بالمساواة بين المرأة والرجل
وأيضاً بإنصاف الإسلام للمرأة
بدايةً عندما أودّ الحديث عن حقوق المرأة فإنّني سأتحدّث كإنسانة مسلمة ومن منظور الإسلام
الإسلام كرّم المرأة - شيء لا نستطيع إنكاره أبداً فهو واضح وضوح الشمس في نهار صيفيّ حارق
أعطى الإسلام للمرأة أو للأنثى حق الحياة بعد أن كان العرب في جاهليّتهم يلجؤون إلى وأد البنات
كان العرب يدفنون البنت حيّة فور ولادتها مخافة أن يلحق العار بأهلها مستقبلاً بسببها
وجاء الإسلام ليستنكر هذه الجريمة -وصار العرب المسلمون
يحافظون على حياة البنت
ويربّونها ويأملون منها الخير إن هم أحسنوا تربيتها وتنشئتها
والإسلام أيضاً أعطى المرأة حق الإرث ومنحها أيضاً حق التصرّف بما تملك
ومنحها حق التعلّم ولكن هنا لي وقفة ففي بحثي عن حقوق المرأة في الإسلام وردت عبارة
معناها أنّ المرأة يجب أن تتعلّم أمور دينها وهنا أتساءل عن موقف الإسلام من تعلّم المرأة للعلوم
الدنيويّة المختلفة - هل الإسلام يقف ضد أن تتعلّم المرأة العلوم الدنيوية كأن تدرس الطب
أو الهندسة أو اللغات أو أي اختصاص آخر ؟
عدتُ إلى العبارة وتأمّلتها وفكّرت فيها مليّاً واستنتجت أنّ الإسلام ليس ضد المرأة في دراستها للعلوم
الدنيوية وإنّما وردت العبارة بهذه الصيغة لأنّ حكم تعلّم العلوم الدينية هو فرض عين على
كل مسلم ومسلمة -بينما حكم تعلّم العلوم الدنيوية أنّها فرض كفاية لهذا وردت العبارة بصيغة يجب أن
تتعلّم المرأة ما يلزمها من أمور دينها كي يصلح دينها والله أعلم
إذاً الإسلام منح المرأة حق التعلّم للعلوم الدنيوية إن هي رأت في نفسها القدرة والإرادة لتتعلّم
ولا ننسى أنّ طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة
والإسلام منح المرأة أيضاً حق العمل إذا كان لا يتعارض مع طبيعتها الأنثوية ولا يؤدّي بها
إلى معصية من اختلاط سافرٍبالرّجال إذ لا تُضمَنُ نتائجه على الطرفين - أي الرجال والنساء
والإسلام قد كرّم المرأة كأم وكأخت وكابنة وكزوجة - كأم يجب على أولادها الذكور والإناث
احترامها وتقديرها والعناية بها ولكن كتأمين متطلّبات مادية أعتقد أنّه واجب أولادها الذكور
إذا غاب الأب لكن بالنسبة لوقتنا الحاضر أعتقد أنّ البنت صارت مثل الولد في مسألة تقديم المعونة
الماديّة للوالدين المحتاجين - طبعاً إذا كان لها دخل مادي مستقل
يعني إذا كان الوالدان قد قاما بأداء واجبهما تجاه البنت فسمحا لها باستكمال تعليمها والحصول
بعد ذلك على فرصة عمل فأعتقد أنّ البنت ستقدّم لهما المساعدة برضى منها ودون تردّد
ومن واجب ولي أمر المرأة أن يرعاها ويحفظها ويسعى لتأمين احتياجاتها سواءً كانت أختاً أو بنتاً
أو زوجة - وفي حالة الأخت والابنة من واجبه تزويجها إذا تقدّم لخطبتها ذو خلق ودين
كل هذه الحقوق كفلها الإسلام للمرأة بنصوصه
لكن مع الأسف نرى نماذج كثيرة من رجال المسلمين قد انحرفوا عن جادة الصّواب
فظلموا المرأة ولم يتّقوا الله فيها ونسوا أنّها أمانة بين أيديهم وسوف يُسألون عنها يوم الدين
لا أقول أنّ كل النساء المسلمات مظلومات لكن نسبة كبيرة منهن تعيش من الظلم
أشكالاً وألواناً - ظلم الأب وظلم الأخ وظلم الزوج وحتّى ظلم الأبناء
نعم ولا تتعجّبوا حتّى الأبناء قد يظلمون الأمهات في بعض الحالات
وهنا أنادي بأعلى صوتي على كل رجل مسلم أن يتقي الله في النساء
أن يتقي الله في أمه وأخته وابنته وزوجته وأن يؤدي دوره تجاههن بما يُرضي الله ورسوله
وليتخذوا من كتاب الله وسنّة وسلوك نبيّنا محمد (صلّى الله عليه وسلّم ) دستوراً ومنهجاً
فهو صلوات الله عليه كان رحيماً رقيقاً رؤوفاً ولم يظلم أبداً
ولي تعليق أخير على مسألة المساواة بين الرجل والمرأة
أنا لا أطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة أبداً و- حسب علمي المتواضع - في الإسلام لا توجد
مساواة بل تكامل أدوار- للرجل دور يؤديه وللمرأة أيضاً دور تؤديه
وإذا أدى كلّ منهما دوره بتقوى الله عندها لن يكون هناك ظلم ولن يشكو طرف من الآخر
والخلاصة
إذا كانت بعض النساء يعشنَ الظلم فليس الخطأ في نصوص الإسلام بل في القائمين على تطبيقها
والمشكلة دائماً يأتي الظلم تحت شعار " الرجال قوّامون على النساء "
****************
بقلمي المتواضع