الحلقة الثالثة(في معنى الاستعاذة ولطائف دعاء الاستفتاح
كاتب الموضوع
رسالة
aymankakashi عضو ذهبي..""
عدد المساهمات : 655 نقاط : 6478 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/01/2010 العمر : 31 الموقع : الماكلة و الرقاد و بيع البلاد
موضوع: الحلقة الثالثة(في معنى الاستعاذة ولطائف دعاء الاستفتاح الإثنين يناير 11, 2010 10:39 pm
* الحلقة الثالثة(في معنى الاستعاذة ولطائف دعاءالاستفتاح)
ارجوكم لاتتركو درسا الا قراتموه
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمامالمرسلين . وبعد..
أنت الآن واقف لتكبر للصلاة، فاعلم أنك مقبل على خالقك ومولاك، الذي لم يضع للقائه شرطا، ولم يخصص لمناجاته وقتا، ولا يمنعك من الوقوف بين يديه حاجب على باب ولا يتوسط لك عنده إنس ولا جان.. استشعر أنه أوجب عليك الصلاة لساعادتك وراحتك "يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها"..
وأنت واقف لتكبر للصلاة، استشعر أنك بين يدي الله ستقف.. ولا يحول بينك وبين هذا الشرف العظيم، والذي خصّ الله به فقط المسلمين، إلا حركة وكلمتان، بهما تخرج من هذه الدنيا بفكرك وشغلك وتدخل إلى عالم عجيب ممتع، فيه ما لذّ وطاب من حلاوة الإيمان ونور المناجاة لرب الأرض والسماوات..
سترفع يديك الآن إلى حذو منكبيك أو أذنيك.. فتقول بخشوع واطمئنان وبقلب حاضر:
"الله أكبر".. يا عبد الله! إجعل من تكبيرة الإحرام سعادة! فقد جعلها الله لك وسيلة للدخول لمناجاته ونيل مرضاته..
إعلم -أيها الخاشع- أن اسم الجلالة "الله" هو اسم جامع لكل معاني أسماء الله الحسنى.. فتفكر في هذا المعنى واربطه ربطا محكما بقولك "أكبر"؛ فالله أكبر من أي شيء ومن كل شيء فلا يشغلك عنه شيء! لماذا؟!...
لأنك قلت "الله أكبر"، فاحرص رعاك الله على أن تكون صادقا حين النطق بها، ملتزما بمتطلباتها..
لا ترفع عينيك إجلالا لربك، بل صوبهما إلى موضع سجودك.. ثم بعد ذلك تمتع بالنطق بدعاء الاستفتاح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم، أن أبا هريرة رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سكْتته بعد التكبيرة ما الذي يقول فيها؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام أقول:"اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرَد"
هل تأملت أخي في هذا الدعاء النعمة؛ دعاء بالمباعدة بين الخطايا، فابن آدم خطّاء، وفيه الخير الكثير إذا ما تاب إلى الله عز وجل توبة نصوحا.. وذكر المشرق والمغرب هنا هو للتعبير عن أقصى مباعدة ممكنة بين الخطية وأختها، أو للتعبير عن البعد عن المعصية كما يبعد المشرق عن المغرب، ولكن لا ننسى أن المقصود هنا هي الصغائر، أما الكبائر فعلى المسلم أن يرجو من مولاه العصمة منها، فلا يقترفها بإذن الله أبدا {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة}(النجم:32)
وتأمل معي في الشطر الثاني من الدعاء "اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس" تأمل -رعاك الله- كيف مُثّلَت الخطايا بالدنس، في حين مثَّلك ربك بالثوب الأبيض.. أنظر لهذا التكريم والتشريف الرباني.. يريدك مولاك طاهرا نقيا كما خلقك.. يا عبد الله! أرأيت الثوب الأبيض كم هو حساس للأوساخ ويحتاج منك لعناية تفوق باقي الألوان، سواء عند تنظيفه أو عند التحلي به، فكذلك قلبك أيها الخاشع المنيب..
ثم انظر إلى الشطر الثالث من الدعاء "اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد" ومما هو معلوم، أن أي شيء إنما نغسله لنزيل عنه ما طرأ عليه مما هو ليس منه، فالثوب الأبيض نغسله لنزيل عنه الأوساخ فيعود إلى أصله، إذ الأوساخ ليست منه، وكذلك أنت أيها الطاهر، ليست الخطايا منك، فالأصل فيك النقاء والصفاء، فطرأت عليك الخطايا، فاطلب من مولاك أن يخلصك منها.. وكلنا يعلم أن الثوب الأبيض إذا أهمل غسله وتراكمت عليه الأوساخ، يصعب غسله، فتأمل..
يا عبد الله! أرأيت الماء حين ينزله الله من السماء، فيصيب به الصخرة الملساء التي كان يحثل عليها التراب، كيف تصبح تلك الصخرة؟! وكيف بها إذا زادها الله من السماء ثلجا وبردا.. فتأمل
وبعد دعاء الاستفتاح المسنون، تقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" واحرص على نطق الاستعاذة بحرف الذال وليس الدال كما يفعل بعض الناس، والفارق بينهما كبير فتنبه..
لقد استعذت بالله الواحد القهّار، الذي لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ولا تخفى عليه خافية، "ومن لطائف الاستعاذة أنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث وتطييب له لتلاوة كلام الله، وهي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة، وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو المبين الباطني الذي لا يقدر على منعه ودفعه، إلا الله الذي خلقه.. ولمّا كان الشيطان يرى الإنسان من حيث لا يراه، إستعاذ منه بالذي يراه ولا يراه الشيطان"(تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير ج1 ص25)
أيها الخاشع بين يدي ربه، عندما تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فمعناها ألجأ إلى الله وأحتمي به من العدو الأكبر إبليس..
"والشيطان في لغة العرب مشتق من شطن إذا بعُد، فهو بعيد عن طباع البشر، وبعيد بفسقه عن كل خير"( تفسير القرآن العظيم ص26).
واعلم -رعاك مولاك وسدد خطاك وجعل الجنة مثوانا ومثواك- أن هدف الشيطان الرجيم هو اصطحاب أكبر عدد ممكن من الإنس والجن معه إلى قعر الجحيم! وهناك يتبرأ منهم أجمعين، وما عساهم يصنع لهم إن لم يتبرأ منهم!؟ فكن منهعلى بال، لا تمكنه من نفسك..
ولحديثنا بقية بإذن الله تعالى فتابعونا رعاكم الله في الحلقة التالية بحول الله..
الحلقة الثالثة(في معنى الاستعاذة ولطائف دعاء الاستفتاح